متابعة – الرياض: أكدت الهيئة العامة للطيران المدني في السعودية أنها لن تسمح للشركات الخليجية بتقديم خدمات النقل الجوي بين مدن المملكة، لأسباب عدة، منها حصول شركات الطيران الخليجية على دعم كامل من حكوماتها؛ وبالتالي فإن الناقلات الوطنية في السعودية والتي تعد خاصة أو في طريقها إلى الخصخصة، لن تستطيع المنافسة مع هذه الشركات؛ فهي إذاً تتنافس مع حكومات وليس شركات طيران فقط.
ووفقا لتقرير أعده الزميل أحمد بن حمدان ونشرته "الحياة"، حسمت الهيئة بهذه الخطوة الجدل الدائر منذ أعوام حول السماح للشركات الخليجية بالنقل الجوي بين المدن السعودية، وأكدت أنها لن تسمح بتاتاً لشركات أجنبية لتنقل المسافرين بين المحطات الداخلية؛ لأن هذا القرار سيادي، وهو أمر متبع – على حد قولها – في جميع دول العالم.
وبررت "الهيئة" على لسان مصدر مطلع فيها – طلب عدم ذكر اسمه - قرارها هذا بوجود اتفاقات عالمية للنقل الجوي تحرّم السماح للشركات الأجنبية بالنقل الداخلي لما فيه من ضرر على الناقلات الوطنية، إلى جانب أن شركات الطيران الخليجية تمارس سياسة الإغراق لتسريب الحركة إلى مطاراتها، وهو أمر يسبب خسائر للشركات السعودية فيما لو تم السماح للخليجيين بالنقل بين المدن السعودية، إضافة إلى أن معظم شركات الطيران الخليجية لا تمتلك شبكة نقل داخلي في دولها؛ لذلك فإن النقل بين المدن السعودية لن يكون مصدر جذب لهذه الشركات بالنظر إلى انخفاض أسعار التذاكر، ولأن العوائد لا تغطي حتى التكاليف.
ويأتي هذا القرار بعد أعوام عدة استمر فيها خبراء اقتصاديون وأعضاء من مجلس الشورى في المطالبة بضرورة السماح للشركات الخليجية بالتنقل بين المدن السعودية؛ نظراً إلى تدني مستوى الخدمة المقدمة للمسافرين في المملكة وعجز الشركات الحالية عن الوفاء بحاجاتهم في ظل الطلب المتنامي على خدمات النقل الجوي في السعودية، وبلغت هذه المطالبات حد إقرار توصية في مجلس الشورى قبل أشهر عدة لدرس هذه الخطوة إلا أن الهيئة العامة للطيران المدني أصرّت في كل مرة على موقفها الرافــض لدخول شركات الطيران الخليجية للسوق السعودية بغرض النقل داخلياً.
وفنّد المصدر بالتفصيل أسباب منع الخليجيين من النقل بين المدن السعودية، مبيناً أن سوق النقل الجوي العالمية تنظّمها اتفاقات دولية على رأسها اتفاق "شيكاغو" الشهير الذي يحظر السماح لشركة أجنبية بالنقل الداخلي بسبب التأثيرات السلبية الجسيمة في الناقلات الوطنية وفي صناعة النقل الجوي في البلد بشكل عام؛ ولهذا يلاحظ عدم وجود هذا الأمر في كل دول العالم.
وأضاف: «شركات الطيران الخليجية تتبع منهجاً تشغيلياً يعتمد طريقة الإغراق لتسريب الحركة إلى مطاراتها وذلك باعتماد نقل الحركة بين نقطتين دوليتين مروراً بالمطار الذي تتخذ منه مقراً رئيسياً لها في دولتها، وحين يتم تمكينها من تسريب الحركة من المطارات السعودية فإن شركات النقل الوطنية لن تتمكن من المنافسة، خصوصاً أن الشركات الخليجية تحصل على دعم كامل من حكوماتها؛ وبهذا فإن الناقلات الوطنية ستتنافس وقتها مع حكومات وليس فقط مع شركات طيران.
ولفتت الهيئة إلى أن دول الخليج لا يتوافر في معظمها نقل جوي داخلي، ومع هذا الأمر فإن سوق النقل الجوي الداخلية في السعودية لن تكون مصدر جذب لهذه الشركات؛ إذ تتدنى فيها أسعار تذاكر الرحلات الداخلية، ولا يغطي العائد المالي قيمة الكلفة؛ لذلك فإن هذه السوق لن تكون مغرية للخليجيين، ولا تمثل فرصة مناسبة لاستثمار شركاتهم.
وأشار المصدر إلى أن الباب سيبقى مفتوحاً أمام الشركات الخليجية لتقوم بتسيير رحلاتها من المطارات السعودية إلى خارج المملكة وبالعكس، موضحة أنها سمحت لشركات غير سعودية بتشغيل رحلات منتظمة من المدن السعودية إلى خارج المملكة، منها شركات طيران خليجية وأخرى عربية، حيث كانت القصيم وتبوك وينبع وأبها نقطة انطلاق ووصول لرحلات منتظمة إلى الخارج في الفترة الأخيرة.