حمد القاضي: لا شيء أثقل عليّ من دعوة على الإفطار برمضان: قال عضو مجلس الشورى الأستاذ حمد القاضي إنه لا شيء أثقل عليه من "دعوة على الإفطار برمضان"، وعلل ذلك بأن "الإنسان في الإفطار له برنامجه الخاص به". لكنه أكد حرصه في فتره المساء على القيام ببعض الزيارات وصلة الرحم. معتبراً أنه "لا ضير في السهر برمضان إذا كان ذلك لا يؤثر في تفويت صلاة أو تفريط بعمل".
وفي حوار مع "سبق" قال القاضي إن هناك "امرأة واحدة" يتمنى أن تكون بجانبه وهو يتناول إفطاره، هي أمه عليها رحمة الله، وكشف أن "القراءة الورقية" الأثيرة عنده، لكن ذلك لا يمنع أن يطالع "إيميله" وبعض المواقع الإلكترونية.
وأكد القاضي أنه لا يشاهد التلفزيون إلا فترة المغرب وإحدى نشرات الأخبار في السهرة خلال رمضان. وأبدى دهشته من تسابق القنوات على أن "يفرّغوا رمضان من تجليات روحانيته ويجفِّفوا أنهار سكينته". ورأى أن الصدقة وسيلة لمكافحة ظاهرة التسول، أما "الحل السحري" للقضاء عليها فهو أن نمتنع عن إعطاء المتسولين.
وفيما يأتي نص الحوار:
* هل تذكر أول مرة صمتَ فيها شهر رمضان؟ وكم كان عمرك؟ وهل كان ذلك توجيهاً أم تقليداً؟
- نعم أذكر.. كان عمري في حدود التاسعة، لكن صمت أياماً وأفطرت أخرى.. وكان ذلك بتوجيه وتحفيز من والدي رحمه الله.
* متى تستيقظ في الصباح؟ وهل لك برنامج محدد في الشهر الكريم؟ وهل هناك ما تحرص على أن تفعله غير العبادات؟
- أستيقظ قُرْب صلاة الظُّهر.. وبرنامجي الاجتماعي في رمضان يختلف قليلاً عن أيام الفطر؛ فأنا أحرص في فتره المساء على القيام ببعض الزيارات، منها ما يتعلق بصلة رحم، ومنها ما يخص تواصلاً اجتماعياً أو إنسانياً.
* هل أنت ممن يحب كثرة الدعوات على الفطور أم تفضل الأسرة والعائلة؟
- لا والله، بل أثقل ما علي دعوة على الإفطار برمضان؛ لأن الإنسان في الإفطار له برنامجه الخاص به، وأهم فقرة في هذا البرنامج: اجتماعك بأفراد أسرتك.
* مَنْ قارئ القرآن الذي تحب أن تسمعه في شهر رمضان؟
- عدد من المشايخ الكرام الذين يمتازون بحسن الصوت والخشوع في التلاوة. في الرياض أحرص على الشيخ ناصر القطامي إمام جامع القاضي والشيخ خالد الجليل إمام جامع الملك خالد، وعندما أعود من صلاة التراويح أستمع إذا سمحت ظروفي إلى صلوات التراويح في الحرمين الشريفين؛ فأستمع إلى الشيخ عبدالرحمن السديس بصوته الجميل وحضوره وتأثره، وإلى الشيخ ماهر المعيقلي بتلاوته الخاشعة، وإلى الشيخ خالد الغامدي بقراءته الباكية التي تذكرك بالشيخ المرحوم عبدالله الخليفي، وقد افتقدناه هذا العام. أما في مسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم فأنا أستمع إلى الشيخ الورع صلاح البدير بصوته الندي وقراءته المؤثرة الندية.
* كيف ترى مَنْ يقلبون نهارهم ليلاً وليلهم نهاراً في رمضان؛ فينامون طوال اليوم، ويصحون طوال الليل؟
- لا أستطيع أن أثرب على شيء أنا أفعله، أو أنهى عن أمر أنا أمارسه.. النهار في أغلب مدن السعودية حار لا يُطاق.. ولا ضير في السهر برمضان إذا كان ذلك لا يؤثر في تفويت صلاة أو تفريط بعمل.
* ماذا تُفضّل في رمضان، التلفاز أم النت أم البلاك بيري؟
- ليست قضية تفضيل، لكن أنا مُقِلّ، سواء برمضان أو غيره، في مشاهدة التلفزيون. أما "النت" فأنا أتعامل معه بحدود، وبحسب الحاجة، وغالباً أطالع "إيميلي" وبعض المواقع، أو عندما أبحث عن معلومة، لكن تظل "القراءة الورقية" هي الأغلى لديّ.
* مَنْ تحب دعوته على الإفطار وتأنس به وتحب الجلوس إليه؟ وأي حديث تشتاق إلى سماعه أثناء الإفطار؟
- أنا بحمد الله لي علاقات كثيرة، وأحباب كُثُر، ويسعدني دعوة أي واحد منهم.. لكن تحديداً "امرأة واحدة" هي التي أتمنى أنني أمامها وبجانبها وأنا أتناول إفطاري، تلك هي "أمي" رحمها الله.. آه كم أحس – يا عبدالعزيز – باليُتم بعدها وبالشجن على فراقها، وبحرماني من بركات دعواتها، وبخاصة في لحظات الإفطار الرمضاني.
* ما رأيك فيمَنْ يتجولون بين المساجد في صلاة التراويح بحثاً عن الصوت الجميل في التلاوة؟ وهل تُصلِّي في مسجد معيَّن؟
- لست فقيهاً أو عالِم دين لأبدى رأيي، لكن هناك فتوى للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عندما سئل مثل هذا السؤال فأجاب بجواز ذلك إذا كان الإنسان يريد الخشوع والتدبر للآيات أو حضور القلب للصلاة بتأثير الصوت الخاشع الرخيم؛ ليتحقق فيه وله قول الله تعالي {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً } مريم أية 58.
* هل لديك شهرٌ من شهور رمضان لن تنساه؛ حيث يُذكِّرك بأشياء كثيرة ومهمة جداً؟
- أكثر من رمضان، وأولها عندما كنت طالباً بعنيزة، وكنت مع أترابي نصلي خلف الشيخ ابن عثيمين في جامعه رحمه الله، ثم "الرمضانات" التي كنت أذهب فيها إلى مكة المكرمة قبل سنوات وقبل أن يزدحم الحرم بالسنوات الأخيرة؛ حيث صار يصعب الآن على المصلِّي أن يطمئن بصلاة، وعلى "الطائف" أن يهنأ بطواف، وعلى "التالي" أن تسعد روحه بتلاوة أمام الكعبة المشرفة.
* مَنْ الشخص الذي غاب عنك وتتذكره في هذا الشهر الكريم؟
- ليس شخصاً واحداً.. ولكنهم أشخاص كثيرون، أقرباء وأصدقاء وزملاء، كانوا معنا بسجاياهم الجميلة، وحميميتهم الدافئة، ولكنهم انتقلوا من ظهر الأرض إلى بطنها، وتركونا نحتسي مُرّ الجراحات على رحيلهم.. عندما غادروا أروقة قلوبنا إلى أقبية قبورهم.
* هناك من يشغلون أنفسهم بمتابعة البرامج الرمضانية والمسلسلات فهل تحرص على برنامج تلفزيوني محدد؟
- أنا في رمضان لا أشاهد التلفزيون إلا فترة المغرب، وإحدى نشرات الأخبار في السهرة. أنا أستغرب من تسابق القنوات على تكثيف المسلسلات في رمضان، وكأنهم يريدون أن يفرّغوا رمضان من تجليات روحانيته ويجفِّفوا أنهار سكينته.
* هل تُفضِّل ارتياد الأسواق مع أهلك في ليالي رمضان؟ ولماذا؟
- لست من عشاق الأسواق، ولا أذهب إليها إلا عندما أريد ابتياع شيء خاص.
* لماذا يتضاعف إنفاق الأُسَر السعودية بشكل كبير جداً في هذا الشهر الفضيل؟
- أستغرب ذلك؛ كان يفترض أن يتقاطع هذا الشهر مع ثقافة الإسراف والاستهلاك بوصفه شهر زهد وورع وعبادة.. ولكن أصبح العكس لدى كثير من الناس..!
* التبذير صفة ملازمة للأفراد والأُسَر في الشهر الفضيل، كيف يمكننا تجاوز ذلك؟
- بتذكرنا أن من صفات "عباد الله" كما وصفهم الله بالقرآن المقدس {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً }الفرقان67.
* التسول ظاهرة تنشط بكثرة في رمضان، هل تزيده بالصدقات العشوائية أم تحاصره؟ وكيف؟
- ازدياد ظاهرة التسول في رمضان تحديداً سلوك تتحتم محاربته؛ فالصدقة قد تذهب إلى غير مستحقها؛ فلا يتحقق هدف الصدقة، ولا يحصل الأجر. وقد ثبت أن غالبية المتسولين غير محتاجين، فضلاً عن أن في ذلك تشويهاً لصورة بلادنا، وقد دلت الإحصائيات على أن الكثرة الكاثرة من المتسولين وافدون. أما "الحل السحري" للقضاء على التسول فهو ما أجاب به معالي الصديق الفاضل الدكتور علي النملة وزير الشؤون الاجتماعية السابق عندما سأله أحد الزملاء من أعضاء مجلس الشورى تحت قبة المجلس: كيف نقضي على التسول؟ فأجاب بإجابة مانعة جامعة: بأن "نمتنع عن إعطائهم". وقد أصاب وصدق "أبو حمد".
* هل تمارس الرياضة في هذا الشهر المبارك؟
- أحرص على مزاولة المشي في رمضان وغيره.. ولكن ليس دائماً؛ فأحياناً تأخذني المشاغل أو لذة الكسل، وآونة تسرقني متعة القراءة عن متعة المشي.
* هل لديك وِرْد قرآني في رمضان؟ وأي الساعات التي تقرأ فيها، عصراً أم صباحاً أم مساء؟
- لدي دعاء "أردده دائماً"، قرأته لإعرابي وشدني كثيراً لصدقة وتأثيره "اللهم إنك أعطيتني الإيمان بك وأنا لم أسألك فلا تحرمني الجنة وأنا أسألك". ما أجمل وأصدق هذا الدعاء!
* بصراحة، هل تختم القرآن في رمضان؟
- سؤال لا أجيب عنه؛ فهذا بيني وبين ربي!
* يعتقد البعض أن الدوام طويلٌ ومملٌّ في شهرنا المبارك، ما رأيك؟
- ليس هذا صحيحاً؛ ففعلياً الدوام تقل ساعاته برمضان بالقطاعَيْن الخاص والعام. وأما معنوياً فلو استشعر الإنسان أن العمل وخدمة الناس عبادة يؤجر الإنسان عليها لما أحس بطوله وملله.
* ما أجمل رسالة وصلتك للتهنئة في رمضان؟ وممن كانت؟
- تهنئة من الصديق الشاعر فهد العبودي من محافظة الدلم، جاءت عبر أبيات شعرية جميلة:
((هذا هو النهر فامتح أيها الصادي
قد طال سيرك في بيداء آماد
وبل منه فؤاداً جفّ رونقه
من رحلة بين أغوار وأنجاد
أضناك في الدهر ترحال وقد عَلِقت
أدران وعثائه في وجهك البادي
ما أطيب النهر للملتاث مغتسلا
وما ألذّ قراح الماء للصادي!!
شهر مبارك))